مهارات الإدارة

متابعة مراحل سير المشروع


    كيف تقوم بـ:

  • السيطرة على عملية إدارة المشروع
  • تحسين فهمك لدورة المشاريع الفكرية

تم تكليفك بمشروع كامل حول موضوع واسع الأفق. على سبيل المثال، طُلب منك كتابة تقرير عن الزراعة المبتكرة في منطقة الساحل، بهدف اقتراح طرق لتوسيع نطاق البرامج الفعالة وتطوير أفضل الخبرات. قد تشعر بارتباك في حال افتقارك للخبرات المطلوبة. هل أنت الشخص المناسب لهذا المشروع المهم؟ ربما، لكنك لن تتأكد من ذلك بسبب انشغالك بالسعي نحو النتائج المرغوبة والإحساس بالإنجاز، وستفوتك تفاصيل مهمة.

قد يساعد تشبيه مراحل مشروع يتضمن منتجات فكرية بمراحل الإنتاج في مصنع. المرحلة الأولى تتمثل في التخطيط للنتيجة النهائية، ما يعني توضيح موضوع البحث وأهميته، وصياغة الأهداف النهائية، وتحديد الوسائل المادية والمنهجية لتحقيقها. بعبارة أخرى، تطوير استراتيجية لمعالجة أي نقص في المعلومات بهدف تحفيز التغيير الفعلي. تمثل هذه الاستراتيجية الإطار الذي يربط الوسائل المتاحة بالهدف القابل للتحقيق. بالممارسة العملية، قد تتم هذه بأشكال مختلفة: اقتراح شفهي مباشر لإقناع شريك بتمويل مشروع، أو اقتراح رسمي، أو خطة عمل داخلية تحدد كيفية الانتقال إلى المرحلة التالية. في أكثر الأحيان، قد تحتاج إلى الثلاثة معاً.

لا يوجد إنتاج دون تخطيط و مواد خام

في المرحلة الثانية، تعمل على تأمين المواد المطلوبة في عملية التصنيع. وفي عملية البحث، تكون تلك «المواد» غير ملموسة: كالقراءة والبيانات والصور والملاحظات والأمثلة. ولتجنب البدء من الصفر، ابحث عما هو موجود أصلاً عبر مراجعة شاملة لكل الملفات المتعلقة بالموضوع، وعبر العمل مع أشخاص يملكون معرفة سابقة عن المجال. بهذه الطريقة، يمكنك أن تضع يدك بشكل أكثر تحديداً على خلاصات لجديدة ينتجها بحثك الميداني الخاص، والذي سيشكل جزءاً كبيراً من قيمتك وأهميتك.

في المرحلة الثالثة، تقوم باستخدام هذه المواد. كما هو الحال في أي صناعة أخرى، يتم إنشاء القيمة المضافة، ما يشير في مجال البحث العلمي تحديداً إلى «ما هو معقول». في الواقع، أنت لا تشارك المعلومات فحسب، بل تقوم بتحليلها وتنظيمها وإيصالها للتأكد من تلبيتها احتياجات معينة لدى المستهلك، تتمثل في أكبر قدر من الوضوح بشأن موضوع ذي أهمية ما. وتعتمد هذه العملية على تحليلك لمادتك، وهذا التحليل ينظمها ويحولها إلى فهم جديد وذي مغزى. وعلى ذلك الأساس تقوم بتعديل أهدافك الأولية، وتحديد أفضل الطرق لتحقيقها، وتوضيح طبيعة منتجك بدقة (مثلاً تقرير من ثلاثين صفحة يحتوي على هوامش، أو حملة ضغط مع أصحاب المصلحة، أو حملة إعلامية بمواد سمعية وبصرية، إلخ…). يجب التخطيط لهذه المرحلة مسبقاً.

ثم يأتي ما يمكن تسميته مرحلة «مراجعة الجودة». لن يتم الحكم على عملك: سيتم فحصه ومناقشته واختباره وتحسينه. تتم قراءة المسودات المكتوبة وإعادة قراءتها وتحريرها وإرسالها مرة أخرى لإعادة كتابتها عدة مرات، حسب الضرورة، للوصول إلى المعايير الصحيحة وتحقيق التأثيرات المطلوبة. وتمر المنتجات الأخرى بالمراحل نفسها. هذا أمر مرهق، لكنه الثمن اللازم لتلك المكافآت التي ستحصل عليها عند الانتهاء من مشروع رائع.

الإنتاج دائماً مهمّة جماعية


ويكون التسليم في المرحلة الخامسة. قد يكون هدف المشروع واضحاً جداً إذا كان مادة مكتوبة، ولكن لا تنظر إلى المادة على أنها نهاية المشروع، بل مجرد نتيجة مبدئية. إذ في معظم الحالات، سيؤدي تحليلك إلى مجموعة كبيرة من الإجراءات المحتملة: اجتماعات إضافية، أو مشاركة إعلامية، أو مناسبات عامة، أو جهود تعاونية قائمة على بحثك، أو غيرها.

المرحلة السادسة هي التسويق: لقد أنجزت عملاً ممتازاً، فاستمتع بالنتائج. قد تنفر من الترويج لنفسك، لكن الإنجازات الحقيقية تستحق التقدير، ما سيخلق أيضاً زخماً خاصاً به عبر بناء سمعتك، وهو ما قد يفتح بدوره أبواباً جديدة، ويستجلب تعليقات نقدية، ويحفز أفكاراً جديدة.

المرحلة الأخيرة والأفضل: لا تنسَ أخذ قسط من الراحة، قدر المستطاع، قبل البدء بمشروع جديد. الحياة كلها تدور على شكل مراحل، وحياة المهنية مراحلها هي المشاريع. تساعد هذه المرحلة النهائية على تعزيز المهارات، بالإضافة إلى تطوير القدرات: ستحقق تقدماً حقيقياً من حيث الإمكانيات والإنتاجية والإبداع عند كل منعطف.

من المهم الإشارة إلى أن هذه المراحل ليست منفصلة عن بعضها. إذ يبدأ التحليل من اليوم الأول، وتحديد الاستراتيجية يتكرر قدر الحاجة، وقد لا يتوقف العمل الميداني على امتداد مراحل المشروع. وفي الوقت نفسه، يساهم فصلهم إلى أكثر حد ممكن في تحديد مدى التقدم في العملية وإعادة ترتيب الأولويات. ويساعد تشبيه ذلك بـ«التصنيع» على تحقيق هذا الغرض: لا يوجد إنتاج دون تخطيط أو مواد خام، ويجب تسليم ما يتم تصنيعه، ويجب اتباع هذه الخطوات بهذا التسلسل.

وأخيراً، تذكر أنك لست في ورشة عمل مهجورة أنت فيها متروك لوحدك. كيفما نظرت إليه، الإنتاج مهمة جماعية تتعلم فيها من الآخرين، وتنتمي خلالها إلى مجموعات جديدة من العمليات. لا تتردد مطلقاً في التواصل لطلب المساعدة، فإيجاد خاتمة مناسبة لمرحلتك الحالية هدف يهمّ الجميع.

كانون الأول/ ديسمبر2016


تم استخدام الصور بموجب رخصة المشاع الابداعي من:
Stunt bicycle riding in the 19th century on Flickr / public domain.


محتوى ذو صلة