السياسات


ميثاقنا الخاص بالكورونا

استجابة سينابس



يُعد التفشي العالمي لجائحة فيروس كورونا (أو كوفيد) بمثابة نداء للعمل على جبهاتٍ شتى؛ فبالإضافة إلى تَسببه بخسائر مباشرة في الأرواح، راحت التداعيات الاقتصادية والنفسية لهذا المرض تُفاقم نقاط الضعف المتجذرة في مجتمعاتنا، كاللامساواة والعوز والشعبوية وكراهية الأجانب التي كانت آخذة في التنامي حتى قبل ظهور الجائحة. كما كشفتِ الأزمةُ عن المخاطر الكامنة في نمط حياتنا المعولَم، بدءاً بالسفر المتواصل، إلى الاعتماد على الاستيراد، مروراً بالأنظمة الغذائية الصناعية وواسعةِ الانتشار لدرجة أنها تحمل الأمراض التي تنقلها الحيوانات إلى جميع أنحاء العالم. يتطلب تغييرُ هذه الديناميات تحولاتٍ حقيقيةً في الروتين الذي نتبعه، وهو ما قد يعني أشياءَ كثيرة، لكنّ الأمر لن يكون العمل كالمعتاد لكن بارتداء الكمامات والقفازات.

لقد فكّر فريق سينابس كثيراً فيما تعنيه لنا نقطةُ التحول هذه، وعلى نطاقنا الخاص، سواء على المستوى الفردي أو كفريق، وهو اختبار يجب أن نجتازه كمنظمة ذاتِ عقلية اجتماعية. علاوة على ذلك، نحن جميعاً إما آتونَ أو عاملون في بلدان تتضرر بشدة من مختلف جوانب هذه الأزمة، ومن هنا أتى التزامنا بهذه الوثيقة، فهي توسّع فهمنا للمسؤولية الاجتماعية لتشمل الظروفَ الاستثنائية التي نعيش فيها، وتُبرز المجالاتِ التي يجب علينا فيها تكثيفُ الجهود التي كنا نبذلها مسبقاً.

نحن نجعل البحث عملياً

يجب أن يكون عمادُ عملنا أكثرَ من مجرد التحليل عن بعد، ويجب أن يُثريَ مناقشاتِ وقراراتِ الأشخاص الذين نعيش ونعمل معهم. للكثير من أبحاثنا حول الصحة والزراعة والمياه والحكم والشباب صلةٌ مباشرةٌ بالأزمة الحالية، غير أنّ جعل النتائج التي نتوصل إليها مفيدةً للجمهور المناسب سيتطلب تنسيقات أكثرَ ذكاءً وقنواتٍ جديدةً، من قبيل المنتجات السمعية البصرية، والإحاطات الشخصية، ومحاولاتٍ أكثر اتساقاً لسدّ الفجوات في المعلومات (بما في ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي)؛ كما يجب علينا تسريع تحولنا إلى إنتاج محتوى عربيّ أصليّ بدلاً من الترجمات من الإنكليزية، ولن ننهمك في التفكير في الحالة الكئيبة التي يعيشها العالم، بل سنركز بدلاً من ذلك على تحقيق تقدم ملموس مهما كان صغيراً.

كما أنّ أبحاثنا مفيدةٌ في كيفية بناء الروابط بين الأفكار والأفراد، ويسمح لنا عملنا الاصطفائي بتحليل التوجهات المتقاطعة في الأزمات التي ندرسها، والتي يتطلب فهمها عملاً متعددَ التخصصاتِ نحن أهلٌ له. وفي الوقت نفسه يضعنا نهج العمل الميداني الذي نتبعه في تقاطع شبكات متنوعة. لقد سعينا منذ فترة طويلة لاستخدام وصولنا المميز لإنشاء روابط بين المبادرات الشعبية من ناحية، والمتبرعين أو المستفيدين من الناحية الأخرى، وسنركز على فعل ذلك أكثر فأكثر.

نحن ندعم الآخرين

سنعمل على تحسين فرصنا في إدارة هذه الأزمات بنجاح من خلال لعب لعبة جماعية أكثر. يمكن أن يتخذ دعمنا للأفراد والمجموعات من حولنا أشكالاً مختلفة. بالتعاون مع المنظمات المدنية التي تحمل فكراً كفكرنا، سنقوم بتوسيع مشاركة المعلومات وكذلك الدعم التطوعي للمهارات التي شحذناها بأنفسنا، وسنشجّع، اليوم أكثر من أيّ وقت مضى، العملَ المفيدَ الذي تقوم به المنظمات الأخرى بالرغم من الظروف التي تدفعنا جميعاً لأن نصبح أكثر انعزالاً.

هناك أشخاص من جميع الفئات لنعتمد عليهم بدورنا، بمن فيهم شركاءُ سينابس وداعموها، وكذلك أولئك الذين نتعامل معهم خلال أبحاثنا، ومزودو الخدمات الذين نعمل معهم وأصحاب المتاجر والمنتجون الذين نشتري منهم بانتظام. كما يستحق قدراً مساوياً من الاهتمام أولئك الذين غالباً ما يجري تجاهلُ عملهم الأساسي، ألا وهم عمال النظافة وحرس المباني والصرّافون، على سبيل المثال لا الحصر. كما سنسعى في الفترة المقبلة لتقوية هذه الشبكة، وفهم المشاكل التي يواجهها من هم حولنا بشكل أفضل، وتحديد كيفية ردّ الدعم لهم.

نحن ندعم بعضنا بعضاً

ينطبق هذا المنطق على الزملاء بالتساوي، فنحن حريصون على تقاسم العبء وتبادل الدعم بيننا في المواقف التي تضع منظمتنا وجميعَ أعضائها تحت الضغط، وهو ما يستلزم تنمية أقوى ثقافةِ تواصل ممكنة نظراً لتوزع الموظفين في بلدان شتى.

بيد أن الأمر يعتمد، قبل كل شيء، على الالتزام الفرديّ والمبادرة. يقلّل التباعد الجسدي التفاعلاتِ اليوميةَ التي تربطنا بزملائنا أو يلغيها، لذا سنبذل جميعاً جهداً إضافياً للتواصل مع أولئك الذين نسمع منهم أقلَّ قدر، وسنبحث عن طرق لمشاركة المعلومات العملية حول كيفية التنقل في بيئتنا المبهَمة، خاصة مع أولئك الذين يفتقرون إلى شبكات دعم قوية.

سنذكّر أنفسنا جميعاً بخطورة هذه الأزمة وسنسعى إلى فهم عواقبها على زملائنا وعلى سينابس ككل. ستتحسن قدرتنا على التحمل وقدرتنا على التكيف كلما احتفظ كلُّ واحد منا بمنظورٍ ما حيال التحديات التي نواجهها بشكل جماعي.

نحن نقتصد في استخدام الموارد

منذ زمن سعينا كمنظمة لتخفيف هدر الوقت والموارد على حدّ سواء، كما نتجنب المساهمة في التدهور البيئي المقلق الذي نلاحظه من حولنا، ونهدف الآن إلى المضي قدماً في هذه الالتزامات. مع حلول الأزمة، أنشأنا نظامَ إدارةٍ للنفايات جعلنا على بعد عدة خطوات من الوصول ل “صفر نفايات"، وهو هدفٌ وإن كان صعب التحقيق، لكنه محفز. بموازاة ذلك سنستخدم المواردَ المتاحة مثل الكهرباء والوقود والمياه واللوازم المكتبية بإحساس متجدد بقيمتها.

سننتقل إلى نهج أكثر استدامة ووعياً اجتماعياً لتجهيز فريقنا ومكتبنا. نحن نحوّل استهلاكنا من المتاجر الكبيرة إلى تجار التجزئة الصغار الذين يواجهون تهديدات اقتصادية وُجودية؛ فمن خلال دعمنا لهم، نزيد أيضاً من اعتمادنا على المنتجات المحلية الأقلّ تغليفاً، ونحظى بقدرة أكبرَ على السعي لتقليل النفايات البلاستيكية. إننا ندرك القيمة التي يضيفها هؤلاء الأشخاص إلى أحيائنا من الناحيتين الاجتماعية والمادية.

كما ينطبق هذا النهج الذي نتبعه فيما يخصّ النفقاتِ والاستهلاكَ على القطاع الذي نعمل فيه، إذ يمكن أن يتخلل المشاريعَ البحثية وبرامجَ المساعدة كثيرٌ من الهدر، لذا سنكثف جهودنا ليوائم عملُنا القضايا التي نؤمن بها في الوقت الذي نستثمر فيه عائداتِنا بطرق تخدم مجتمعاتنا.

نحارب فيروس كورونا بشكل صحي

سنسعى جاهدين لتجنب أية مساهمة سلبية في أزمة صحية تلحق ضررا بالمجتمع، وكلنا عزيمة على ألا نستسلم للذعر، حتى وإن أصيب أيّ من موظفينا بالمرض. في هذه الحالة، سندعم المرضى بكل السبل الممكنة، لوجستياً وعاطفياً.

سنعتمد؛ في مكتبنا وعملنا الميداني؛ تلك التدابيرَ الاحترازية المحددة التي ينصح بها الأخصائيون الطبيون على نطاق واسع، وسنحدّ من استخدام الكمامات والقفازات والأقنعة وزجاجات الجيل إلا في الحالات التي تستدعي ذلك، مع الأخذ في الاعتبار أنّ النفاياتِ الناتجةَ عن مثل هذه المواد البلاستيكية ذاتِ الاستخدام الواحد تفاقم أزمة صحية عامة موازية. أخيراً، سوف نتعامل مع هذه الأزمة كأية مشكلة أخرى نسعى لحلها، كشيء نقوم بالبحث فيه، ونفهمه جيداً، ونثق في خبرتنا الداخلية للتعامل معه.

وبينما نتكيف مع الظروف المتغيرة بسرعة، سنواظب على التفكر في ذاتنا وانتقادها أكثر من أي وقت مضى، ولن ننسى المهمة الاجتماعية التي نلزِم أنفسنا بها في أفضل الظروف، فصحتنا كمنظمة تُقاس من خلال المساهمات التي نقدمها للعالم من حولنا.




تم استخدام الصور بموجب رخصة المشاع الابداعي من: